1. ماذا نعني بالعند أو الطفل العنيد
نقول عَنَد الرجل أي خالف الحق وهو عالم به لإشباع نزوات أو ميولات شخصية، ونقول “عاند أمه” أي خالفها أو عارضها في رأيها، ونقول “عند فلان” أي استكبر وتجاوز الحد في العصيان.
هل ترين أيتها الأم أن طفلك عنيد؟
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ } سورة النجم الآية 23.
فإذا أنت أيها الأب أو الأم سميت على طفلك اسما خاطئا ووصفته ب”الطفل العنيد” تتضخم المشكلة أكبر مما هي عليه، لذلك عليك التأكد من صفة العند.
2. الفرق بين العناد عند الأب وعند الطفل وماهي عواقب عناد الأب اتجاه ابنه؟
هناك قاعدة عامة لقضية عناد الأطفال وهي أن الشخص الذي يرى بأن طفله عنيد يكون هو العنيد وليس الطفل، فكلما أسقطت الخطأ على من هم حولك فإنك تفقد السيطرة على الأشياء كلها وتخلص نفسك من المسؤولية، ومع مرور الوقت تتعمق عندك تلك النظرة إلى نفسك على أنك المظلوم والضحية.
لذلك قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (11)} سورة الرعد الآية 11، فإذا غير ما في نفسك لكي تجد الحل وتأخذ الأمور ببساطة.
1-2. هل عناد طفلك سببه أنت؟
إذا فقدت نعمة أنعم الله بها عليك فاعلم أنك كنت السبب في فقدانها كطاعة أطفالك مثلا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يولد المولود على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه}، وهنا يشير الحديث إلى أن الأبوين يمكنهما تغيير أقصى صفة في الطفل ألا وهي دينهم، وبذلك تكون الصفات الأقل منها قابلة للتغيير أيضا، فأنت عندما تجبر طفلك على فعل شيء تصبح أنت العنيد وليس هو، لأنه فقط يحافظ على حقه ويتمسك برأيه فيرفض عِنًدَك ما دمت تعتقد أنه عنيد.
2-2. هل عنادك على طلبه عندما يكون مخطئا هو سلوك صحيح؟
يرى الأطفال على أن الأشياء التي يطالبون بها هي الصحيحة وبالتالي ما يقوله أو ما يأمر به الوالدين هو الخاطئ، ففي هذه الحالة يجب على الأب أن يَعِيَ بأن فطرة الإنسان عندما يولد هي عدم اتباع إلا الله ورسوله، ولذلك إذا أردت أو يرضخ ابنك لأوامرك وجب عليك إقناعه أولا، لأن هذا الأمر مضر أو غير مناسب له، وإن لم تشرح له السبب وراء منعه لن يسمع كلامك، وإن لم يسمع كلامك فهو إذا يسير على الفطرة لأن هذا التصرف هو الصحيح، وعندما تأتي أنت لتكسر بكلمته أو قراره دون تبرير تجعله بشكل غير مباشر إنسانا تابعا غير قادر على أخذ قراراته بنفسه، لأنك بهذه الطريقة تلغي تفكيرة وثقته بنفسه.
3-2. ماذا يحدث عندما تعاند طفلك
عندما تعلم طفلك الصحيح من الخطأ عوض أن تعلمه الحلال من الحرام فإنك بصفة غير مباشرة قد علمته أن إقدامه على أي عمل كيفما كان يستلزم وجود أحد معه ليخبره عن مدى صحة ذلك العمل، فمادام طفلك متمسكا برأيه في فعل الممنوع قم بإقناعه بسبب المنع، وإن لم يقتنع دعه يفعلها (شرط أن يكون غير خطر على صحته)، وإن لم تنجح معه سيبدأ بعد ذلك يعيد النظر في رغباته في كل مرة وتزيد ثقته بك، أما إذا ظللت تعانده فسيتمرد ويتهور دون تفكير، وبالتالي يترعرع هذا الإنسان وقد تشبع بالصفة التي تسببت له فيها، وعندما يصبح راشدا تصفه على أنه إنسان غير مسؤول وغبي، وأنت لا تعلم أنه نبع تربيتك.
3. كيف أفهم طفلي أنه مخطئ
عندما يريد الطفل مثلا أن يمسك بشيء ساخن وتخبره بأنه ساخن وأنه سوف يؤديه ستلاحظ أن الطفل حاول اللإمساك به رغم إخبارك له، عندئد اتركه يلمسه وعندما يتألم أخبره أنك قد حذرته من قبل، بهذه الطريقة سوف يزيد وعيه بالأمور، وسيدرك أن قراراته يمكن أن تضره، بحيث عندما تمنعه من شيء بعدها سيقلق حياله لأن سوف يحاول أن يفهم ما سيحصل، وهكذا تكون قد ساعدته على سرعة النضج وفهم الظواهر، وتجعل منه إنسانا مسؤولا في المستقبل وقادرا على التفكطير والتركيز قبل الإقدام على أي فعل.
4. كيف أتعامل مع طفلي إذا رفض إنجاز واجباته وهل عقابه بالضرب ناجع؟
بعض الأهالي تقدم الأشياء المفيدة لأطفالها بشكل قاس، فتظهر للطفل بأنها عقوبة بينما ينظر للأشياء التي منعوها عليه بأنها جميلة وجذابة، فيبدأ عقله يتبرمج على أن الأشياء الممنوعة هي المحببة، ومن طبيعة الإنسان أنه عندما يحب شيءا معينا يستمتع به من الداخل، وإن حصل ومنعته فقد سلبت حريته في الاختيار وهو حق من حقوقه، وسوف نتطرق إلى جانب إنجاز الواجبات عند الأطفال.
إن أردت أن يمسك ابنك أن ينجز واجباته اشرح له وذكره في كل مرة بأن العلم نور واربطها له بهدوء مع الدين وبأن الله سبحانه وتعالى قال: {….
فإذا الله يحب العبد الذي يطلب العلم، وإن ذوي العلم تعلو قيمتهم وشأنهم في الدنيا وفي الآخرة، فيحس الطفل أثناء إنجاز واجاباته بأنه يتقرب من ربه وأنه يعرف سبب مراجعة دروسه.
1-4. ماذا إن كان طفلي يحب اللعب ومشاهدة الرسوم المتحركة كثيرا؟
ضع قاعدة في حياتك وهي أنه لا يجب اعتبار المشكلة مشكلة بالفعل إلا عندما تبدأ في التسبب لك بأضرار، لذلك يستحسن أن لا يعتبر الأبوين مشاهدة الرسوم المتحركة مشكلة لأنها ستتفاقم مع ظنهما ذلك ويحاولا بدل ذلك استغلال ما يشاهده من شخصيات في التلفاز أو ما يلعب به بشكل يعود عليه بالنفع ويجعلاها وسيلة لتنمية خياله عن طريق مثلا إعطائه معلومات عن الحيوانات التي لديه في الألعاب، أو وصف الشخصيات الكرتونية في أفعالها بأنها تتسم بالمحبة للآخرين والصدق والأمانة، أو تشجيعه على سرد قصة من نسج خياله باستعمال الألعاب وتحريكها.
2-4. لماذا لا يجب أن تضربه إن أخطأ
الضرب هو من أسوأ أنواع الإجبار والذي يمكن أن يصل بالطفل إلى حفظ مشاعر الكراهية والبغض حتى الكبر، فالجسم حرمة الله والذي اعتبره أمانة من الأمانات التي أودعها لنا ويجب أن تحفظ إلى الممات، فرب العزة يرى أمانته يعتدى عليها بسبب أنها لم تمتثل لأوامر المخلوق والتي سَنَّها هو بدون أن يفهم الطفل عن السبب وراء المنع.
5. كلمة تقولها لا تنتبه لها تهدم مستقبل طفلك
المفروض أن يكون الطفل عالما بأن معياره في التحرك بدون ارتكاب مخالفة هو الحلال والحرام، وأن الدين أمرنا أنه لو كانت بعض المعتقدات متعارف علىها في المجتمع (مثل التقاليد والعادات والأعراف) أن يلتزم بها ما لم تكن متعارضة مع مرضاة الله، وأن لا يقوم بها ابتغاء مرضاة الناس، وبعض الآباء عندما يكررون كلمة “ماذا سيقول عنا الناس؟” أو “ماذا سيقول لنا الآخرين” يجعلون الطفل يراعي للناس ولنظرتهم حتى ولو لم يتواجدوا، عوض أن يراعي هل امتثل لأوامر الله.
نفس هذا الطفل عندما يكبر ويقوم بفعل الحرام فتمنعه ويبرر لك على أن كل الناس تفعل هكذا إذا فهو شيء طبيعي.
6. ماذا لو كان ابني معاقا وغير متقبل لإعاقته؟
يجد بعض الآباء صعوبة في دمج إبنهم المعاق في المجتمع بسبب تنمر الآخرين عليه سواء في المدرسة أو الشارع، ولذلك عوض الجري وراء تغيير نظرة الآخرين حاولوا تقبل الأمر أنتم أولا،ليس بتجنب التحدث معه بشأن إعاقته، بل بأن تشرح له حقيقة ذلك وأنه مخلوق مثله مثل الآخرين الذين يختلفون فيما بينهم في الطول والوجه ولون العين ونقص يد ونقص رجل، لكي تجعله يتقبل هو الآخر نفسه ويتصالح مع ذاته وأن تختم له حديثك بوصف خصاله الحميدة عن أصدقائه، فتزيد ثقته بنفسه ويتقبل جسده كما هو ويكتمل وعيه.
7. هل تخاف على طفلك كثيرا؟
هناك مقولة لسيدنا علي بن أبي طالب يقول فيها: {الناس من خوف الخوف في خوف ومن خوف الفقر في فقر ومن خوف المرض في مرض} وأم موسى عندما خاطبها الله سبحانه وتعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ } سورة القصص الآية 7، فرمته في البحر وأخذت بالأسباب إذ بعثت إبنها عنده، فالله سبحانه وتعالى عندما خافت أراد كسر الخوف عندها لأن الذي يحمي هو الله سبحانه وتعالى وليس العباد، وأنت مجرد سبب بعثك الله لتقوم بواجبك اتجاه أبنائك.
8. أين تتوقف مسؤولية الأبوين في تربية الطفل في الإسلام؟
تنحصر مسؤولية الأبوين اتجاه أبنائهم في 4 خطوات: تبيين، تذكير، حماية وتوضيح.
فهذه هي الأشياء التي ستسأل عنها يوم القيامة: هل بلغت الرسالة؟ هل وضحت؟ هل ذكرت وهل حميت، ولن تسأل هل أجبرت أو أكرهت ولو تسأل عن النتيجة لأن قمت بما ينبغي القيام به في تربية أولادك.
قال الله سبحانه في كتابه: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} سورة البقرة الآية 256 وقال أيضا: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} سورة يونس(99)
أمرنا الله تعالى في هذه الآية بعدم الإكراه وعدم الإجبار لأن مسؤولية الولي تقف عند الأربع خطوات.
فالتبيين: هو أن تبين له السبب الذي جعلك تمنع عليه ذلك الأمر الذي رغب فيه.
والتذكير: هي عندما يقدم على ما منعته عليه فيؤذي نفسه، فتذكره بأنك يبق وحذرته من ذلك الأمر
الحماية: هو عندما يرفض الامتثال لأوامرك بعد شرحك له، هنا من واجبك إزالة كل الأشياء التي تشكل خطرا على صحته وعافيته وتدعه يخوض التجربة.
توضيح: هو أن تقوم بالحماية وفي نفس الوقت دعه يجرب لكي يتألم فيخيب أمله، ليفهم خطأه ويتراجع عن عِنده في المرة القادمة.
9. أكثر من قول “أنت حر” لابنك فهي ستساعده
أكثر استخدام كلمة أنت حر في مخاطبة ابنك لأن من حقه أن يكون حرا، وبالتالي سوف يتشبع بالحرية عندما تمنحه إياها، فدور الأب والأم هو رفع قيمة نفسه عنده والتفنن في فعل ذلك، فعندما تصبح لديه قيمة سوف يعرف كيف يتصرف لوحده، أما إذا قمت بإجباره فإنه سوف يحاول أخذ حريته بالعنف وسيأخذها بشكل خاطئ، ولذلك قل له مثلا “هذا الأمر لا يناسبك لكن إن أردت أن تجرب فأنت حر.
10. كيف تعالج آثار الضرب النفسية عند طفلك
لكي تعالج أثرا سلبيا عند طفلك كيفما كان فاته من باب الصدق والصراحة بأن تبين له قيمته وبأنك تحبه، وأنك لن تعيد ضربه لأنك واثق به وبأنه لن يعاود أفعالا منعتها عليه ولن يتهور.