إن الطفل ليصل إلى معارف كثيرة كالقدرة على الكتابة والقراءة والتعامل مع الأرقام وفهم الآخرين والقيام برد فعل يتناسب والموقف، وكذا مواجهة مشكلات ويساعده على كل هذا قدراته وأسلوب محيطه في الحياة.
كيف يكتسب الطفل ثقافة مجتمعه؟
الثقافة هي مجموعة المورثات الاجتماعية التي تمثل إنجازات مجتمع ما من أفكار وعادات وقيم وأنشطة عملية، كل هذا يدخل فيما نسميه بالثقافة، أو نقول بتعبير آخر “نمط الحياة”، إن التنظيم الاجتماعي لكل مجموعة من الناس أو مجتمع لا يمكن أن يدرس إلا عن طريق ثقافتها.
عندما يولد الطفل، فإنه يولد فارغا من المعلومات الخاصة بمحيطه الخارجي، وجاهز لاستقبال وتخزين المعلومات الخاصة بكل تجربة يتلقاها ويتكيف معها، وبهذا يمكننا القول أنه اجتماعي من صنع محيطه ولكنه مكون من خلال وراثته، ومن بين ما يمكن أن يرثه نجد مثلا: تخلفا عقليا، إعاقة حسية، اضطراب غددي… وهذا من شأنه أن يكون معرقلا لأول مرحلة تثقيف.
بطبيعة الحال ليس كل إعاقة مانعة للنجاح وهذا ما برهنه كل من : طه حسين، هيلين كلير… حيث أثبتو أن الإعاقة الحسية تدفع أصحابها إلى الإبداع.
خطوات بناء نفسية سليمة للطفل
التربية هي كل ما يتعلق بالتعلم، وأول من يقوم بهذه العملية هي العائلة وتليها المدرسة، وكلمة “شخصية” أصلها لاتيني ومعناها الطابع، ومن أجل الوصول بالطفل إلى بر الأمان يتطلب ذلك تربية نفسية سليمة باتباع ما يلي:
- استخدام ألفاظ محترمة
- تحفيز ثقة الطفل بنفسه مثلا الإشادة بأعماله وتعليق اسمه عليها، ذكر عبارات المدح له أمام الآخرين
- مساعدة الطفل على اتخاذ قراراته بنفسه
- معاملته كطفل والسماح له بعيش مرحلة الطفولة
- أخذ رأيه في بعض الأمور الخاصة بالعائلة
- تجنب تهديده
- مشاركته أحلامه وطموحاته وتشجيعه على الإيمان بها
- إخباره بأن والداه يحبانه فهذا يعزز ثقته بنفسه
فهم سلوكيات الطفل بعد سن الخامسة
عندما يولد الطفل فان يرتبط بأقرب الناس إليه إلى غاية الخامسة من عمره، آنذاك يستقل نفسيا وهنا تبدأ مرحلة التجاوب مع أقرانه من نفس العمر ومستوى التفكير، ومن جهة أخرى يشكل الكبار تهديدا لمصالحه لتوسع معارفهم وقدراتهم الجسمانية مقارنة مع حجمه الصغير في نظره، يأتي النوع الثالث وهم الراشدون الذي يحس اتجاههم بالطمأنينة لأنهم يزودونه بالمعارف الثابتة ولا يخالفهم في معظم الأحيان، وترى الطفل يوليهم احتراما وإعجابا ويجعلهم قدوة، باختصار الطفل فوق سن الخامسة يدخل عالم الآخرين ليتفاعل معهم ويفهم ما يقولون وما يريدون ثم إنه ليحاول إحاطة نفسه بإطار خاص من السلوكيات والرغبات ليقوم بدوره في عائلته الجديدة.
بعد سن الثامنة يصل الطفل النامي إلى أوج التفتح على قدرات جديدة تساعده على الوصول إلى كل جوانب العالم حوله، فتزداد قوة ملاحظته وسرعة استيعابه للأشياء من حوله، ويبدأ في الاختلاف عن الأطفال الآخرين للاستعداد من أجل تكوين شخصيته.
كيف يتعلم الطفل؟
يولد الطفل في مجتمع له عادات خاصة به، أولى يقبلها وأخرى يحرمها، فقد يكون مجتمعه يحرم أكل لحم البقر ويقبل أكل لحم الخنزير مثلا، أو يحرم عليه ارتداء بعض الأنواع من الألبسة أو يمارسون عادات وطقوس غريبة مثل ختان إناث، إضافة إلى سلوكيات أخرى كاحترام السن أو الوقت أو المحافظة على العهد فيعطي المزج بين هذه الأصول الجاهزة سابقا آفاقا يشق فيها الطفل طريقه لأنه سوف يطبق أو يخالف وسيختار ماذا يأكل وكيف يأكل ومتى يأخذ وأين يتوقف، ولن تكون جهودا شخصية منه بل سيحاط في كل المراحل بأفراد يفوقونه خبرة في الحياة ويرشدونه.
كيف يتلقى الطفل لغة المجتمع
إن ثراء الثقافة أمام الطفل هي مسؤولية المجتمع الذي يعيش فيه فإذا لم يتم إغناءها على الدوام فسوف تهزل ويضعف رصيدها أمام باقي الثقافات الأخرى، فمعيار التقدم في كل المجالات ليس في القوة والسرعة فقط بل أيضا في معيار التطور بين ثقافة وأخرى فمثلا أسلوب تلقين اللغة للطفل هو مؤشر لتقدم أو تخلف مجتمع ما، بحيث أن وسيلة الاتصال بين الأفراد داخل المجتمع هي رموز خاصة لمعاني والتي تختلف في المنطق والمسمع من مجتمع لآخر، لكنها تنتهي إلى نفس المعنى، وهذا النوع من الاتصال هو أولى حاجيات الطفل التي يقاوم بها العزلة، ويمكن أن نقول أن حجم غزارة هذه الرموز تعبر عن عمق المفاهيم وتنم عن ضيق أو سعة الثقافة.